حاكم الحداد
مكتبة شاكر – ابو محمود العامرة بالكتب التي يعافها
الناس في بغداد والتي يجلبها الينا اكداساً ، الا من بعضها الجيد والرخيص ، وعندما
تقصد المكتبة يستقبلك ابو محمود بهيئة البائع الحاذق بابتسامة عريضة ساعة دخولك
اليها ، وما ان تقول السلام عليكم ، حتى يأتيك حاشاً باشاً وهو يردد تغريدته
الاثيرة .. هله بالزلم الخشنة ، ولا ادري لماذا يصر على هذه الجملة ؟ والناس
جميعها تدري ان الرجولة والخشونة فارقت الزلم واصبحت في خبر كان .. واعترف ان ابا
محمود لا يقصد من ورائها غير الترحيب لانه طيب القلب وصديق للجميع وهو دمث الاخلاق
ومتسامح .. لكنه صعب المراس في المساومة على سعر الكتاب .. قديماً كنا نتغنى
بسجاياه وباسعار كتبه الرخيصة والتي كنا نصفها بأنها بسعر التراب ، لكنه الان تغير
واصبح يبيع كتبه بسعر الذهب الذي يتم فحص جودته بالتيزاب الامر الان تغير ، بعد ان
فقد الزمن عذريته ، واصبحت الايجارات عالية ، ولا يمكن سدادها الا برفع اسعار
الكتب ، اضافة الى آراء الاخرين من اصدقائه الذين يحبون الاسعار العالية ، لكن الديوانية
واهلها وفقرها لا يتحمل زيادة الاسعار ، لذلك كثر اللغط هذه الايام على ابي محمود
الذي اخذت اسعاره تتصاعد يوماً بعد آخر واصبح يعاملنا بروح التاجر واخلاقية السوق
.
ما العمل ؟؟ بداية سنرفع كلمة الورد التي
نقرنها باسمه المبجل ، وسوف نفكر بالمقاطعة ولو ان هذا الامر لا يمكن تحقيقه ،
نظراً للصداقة التي تجمعه مع كثير من الادباء والمثقفين والقراء واصبحت تحسب بيننا
بعقود السنين لذلك اصبح الامر خطيراً لاننا لم نعد نقوى على الشراء ولا سيما وان
دفتر الديون لديه اصبح مصدر قلق لنا ، ولا ادري لم لم يفكر احد ما في سرقته لان
اسعاره المتصاعدة لا يقف امامها اي عائق واصبحت تتصاعد كالغبار ايام الصيف وهو يصرُ
على ذلك ، لكن رواده واصدقاءه لا يكفون وخاصة الادباء منهم عن الزيارة والشراء
والجلوس داخل المكتبة متخذين من اكداس الكتب البائرة ارائك لجلوسهم والنقاش وتبادل
الاراء وهدر الوقت بالاحاديث النافقة ورغم جمال تلك الجلسات وحميميتها والتي تحدث
دون احتساء الشاي رغم ان بائع الشاي لا يبعد عن المكتبة سوى خطوات ، ولكن هل يعرف
هؤلاء الاصدقاء ان هناك خطورة في هذه الجلسات والتي تتمثل في تكديس الكتب فوق
بعضها وبارتفاعات عالية ودون رفوف او مساند خشبية ، وهذا امر فيه شيء من الخطورة ،
يذكرنا بالمرحوم الجد الطيب ابي عمرو الجاحظ وقصة موته عندما سقطت عليه كتب المكتبة
فمات .. رحمة الله عليه .. رغم انه لم يترك حتى العرجان والعوران والبرصان فألف
عنهم كتاباً بهذا الاسم .. لذلك نحذر القراء واصحاب تمضية الوقت من الجلوس الطويل
داخل المكتبة خاصة قرب الكتب المكدسة فوق بعضها .. ونذكر مقلباً طريفاً قاله احد
الزملاء داخل المكتبة ونحن نتذاكر عن هذا الموضوع فقال ... احذروا ... ان مكتبة
شاكر تبحث عن جاحظ جديد .
ليست هناك تعليقات: