عبد العزيز الناصري
الاديب شاعراً كان ام روائياً يظل ابن بيئته
شاء ام ابى ... والا يظل منجزه الادبي سطحياً لا يمتلك مقومات القوة والثبات والتأثير
في ذاكرة المتلقي .. وهذا ما يراه المفكر المجري جورج لوكافش وهو واحد من اهم
اعلام المنهج الاجتماعي في الادب حينما قال : ان الادب يعكس الواقع الاجتماعي
والاقتصادي ... لذا يصبح المنتج الادبي جزءاً لا يتجزأ عن السياق الاجتماعي والواقع
المعاش .. فهو اساساً يعتبر نقداً تقويمياً يقوي المنجز الادبي ويرفع من شأنه .
وعلى هذا الاساس نجد ارتباطاً وثيقاً بين
الادب والمجتمع كون الادب يعد سلاحاً ذا حدين له دور ريادي في التقويم الاجتماعي
اولا الى جانب كونه معياراً لجودة النص الادبي ولعل الشاعر العراقي المعروف معروف
الرصافي شعر بالواقع السياسي الذي يخيم على البلاد آنذاك فتقبله بصورة واقعية
تجسدت بوضوح تام امام المتلقي وهو يردد :
انا بالحكومة والسياسة اعرف
االام في تفنيدها واعنف
علم ودستور ومجلس امة
كل عن المعنى الصحيح محرف
ولعل شعر احمد مطر هو مثال آخر مميز عن اتباع
المنهج الاجتماعي في الادب فكل قصائده تنفذ الظواهر الاجتماعية سواء كانت سياسية
او اقتصادية او عرفية .
والنقد الاجتماعي لم يكن وليد الساعة ، بل
يعد بعض الباحثين ان بدايته وانطلاقته في بدايات القرن العشرين حينما ظهرت بعض
الافكار الماركسية والوجودية والتي غزت المجتمع بشكل كبير .. لكن النقد الاجتماعي
الادبي يمتد ربما الى عهود طويلة تصل الى عهد الادب الجاهلي بشكل او بآخر ، فهناك
صور نقلها الشعر الجاهلي هي ظواهر اجتماعية سادت انذاك فيذم بعضها ويمدح اخرى ،والمنهج
ذاته تمثل في الادب العباسي والاموي وحتى في هذه العصور المتأخرة .
ولعل الرواية سواء في الادب الغربي او الادب
العربي تتخذ من النقد الاجتماعي غرضاً مهماً من اغراضها فالقصة والرواية في
مفهومها الاصطلاحي تتقصى الاحداث والوقائع الاجتماعية لتنقلها بشكل او بآخر مع
محاولة تقويم بعض الانحرافات في السلوك الاجتماعي المصاحب لتلك الاحداث والوقائع
... وهذا مانجده في روايات الغرب ، كما في رواية (قصة مدينتين) لشارلزدكنر والتي
تمثل معاناة الطبقة العاملة الفرنسية تحت القمع الوحشي الارستقراطي الذي قاد الى
الثورة الفرنسية ، ولعل نجيب محفوظ اكثر من غيره في تصوير الواقع الاجتماعي المصري
من عادات وتقاليد واعراف سادت في زمن ما ... من هنا تتجلى صورة النقد الاجتماعي في
الشعر والرواية وتأثيره في الواقع المعاش واتخاذه معياراً في تقويم النص الادبي
واعطاء الهوية الابداعية للكاتب والشاعر .
ليست هناك تعليقات: