عبد العزيز الناصري
تعني السرقات الادبية اصطلاحاً هو اخذ احدهم منجز آخر
كله او بعضه ، وفي الشعر يعمد السارق الى بيت او عجزه او الصورة الشعرية او حتى
المعنى فينسبها له .
ولعل من الصعوبة بمكان ان يميز احدنا تلك السرقات مالم
يكن على اطلاع واسع في المنجز الادبي قديماً وحديثاً ومعرفة تامة باسلوب ونمط
الابداع لشعراء وادباء كان لهم دورهم في المشهد الادبي .
ولم تكن السرقات الادبية حديثة عهد او انها نشأت في عصر
اختلط فيه النابل بالحابل ، وضاعت فيه معايير التمييز بين السارق والمسروق ، بل
لها تاريخ ممتد بعيداً في تاريخ الابداع الانساني ، فكانت العلاقة جدلية بين
الابداع والسرقة الادبية ، فمتى ما وجد المبدعون وجد السارقون ايضاً .
ولقد اهتم النقاد في الماضي والحاضر في الاشتغال الجاد
على ايجاد معايير لرصد هذه الظاهرة الخطيرة من خلال الاطلاع التام على كتابات
ومؤلفات الادباء على مدى العصور الادبية ، وقد رصدوا حالات مشتركة تأتي متشابهة في
نصوص عديدة وعدوها من باب توارد الخواطر وليس من السرقات الادبية ، كأن يتحدث
الشعراء جميعاً عن الطبيعة والتغزل بجمالها او حالات الفرح والحزن والرثاء والهجاء
وغيرها والتي تعد اصلاً من اغراض الشعر فأن حصل تناص في بعض النصوص المختلفة فلم
يعد سرقة ادبية .
ولعل في زمننا هذا يبدو بعض السرقات الادبية اكثر وضوحاً
فترصد دون عناء ، كما يحصل بالسرقات للدراسات الادبية لنيل شهادة شهادة عليا بمجرد
كبس زر (الكيبورد) لتظهر امامه على شاشة الحاسوب رسالة معدة وجاهزة فما عليه الا
ان يغير في هيئتها ، كتغيير فقرات التبويب او العناوين الفرعية او يحذف ما لا
يناسب دراسته دون الاشارة الى ذلك مدعياً انها من عنديات افكاره .
ولعل السبب في لجوء البعض الى مثل هذه الانحرافات
الادبية ان صح التعبير يكمن في عجز هؤلاء عن ابداع نصوص من شأنها ان تأخذ حيزاً
مرموقاً في المشهد الثقافي ، او الحسد الموغل في صدور البعض لاخرين مبدعين فيعمد الى
تفعيل حسده هذا بالسرقات لاثبات وجوده واكمال شخصيته .
ولقد وردت السرقات الادبية في الشعر الجاهلي ودونت
مساجلات شعرية تؤكد هذه الظاهرة القديمة والمتجددة فقد قال طرفة بن العبد وهو شاعر
جاهلي :
ولا اغير على الاشعار اسرقها
عنها غنيت وشر الناس من سرقا
بينما قال حسان بن ثابت والذي عاصر الرسول (ص) وكان شاعره
:
لا اسرق الشعراء ما نطقوا
بل لا يوافق شعرهم شعري
ولعلي اخلص للقول هنا ، ان المثقف مهما كان مضمار حركته
الثقافية ان ينهل من مختلف العلوم والمنابع المعرفية لتوسيع دائرة ثقافته وقد يقع
بسبب هذا الاطلاع الواسع والتعرف على منجزات الغير في تكرار ما قاله الاخر ولهذا
صنف النقاد والعرب السرقات على انها محمودة واخرى مذمومة ، فالمحمودة هي قد يحصل
تناص بينهما رغم عدم اطلاع احدهم على نص الاخر ، لكن المذمومة هي ان يعمد على اخذ
ما يجده في نص الاخر ويدري هو ان ذلك النص لشخص آخر .
ليست هناك تعليقات: