غادة فرمان
الخطأ هو الخطأ.. ما نرددهُ دوماً مع انفسنا في كواليس صراعات الجاني
والضحية وامام جدلية الذات المغلوبة والآخر الغالب " المخطئ" ..
لايستقيم انتصارنا لذواتنا الا باللوم الموجه في اعتقاد مغلوط ربما بان اللوم
مقترن شرطاً بالغفران .. وشتان بين الاثنين ، اتوقف عن اللوم كي اكمل طريقي خالية
من اثقال البغض المرضي وعقدة الضحية التي تكبلني بأغلال الانكسار والتخاذل ...
الاقرار بأن اخطاء الانسان لا تلغي انسانيته أبداً ، واننا جميعاً
نخطيءبنسب متفاوتة .. يمنعنا حتماً من الانكفاء على مشاعر التظلم ووضع النفس في
اطار ملائكي منزه عن الخطأ ، جميعنا دون استثناء قد نخطأ ونتسبب بألم لشخص ما مهما
كانت نظرتنا وتقييمنا لذلك الالم ان كان بسيطاً او موغلاً في النفس ..
في نص مقتبس من رواية ( علاج- شوبنهاور) يقول المؤلف :
" يجب ان نتعامل بتسامح ازاء كل حماقة او ضعف او رذيلة انسانية وان
نضع نصب اعيننا ان ما يوجد امامنا هي حماقاتنا وضعفنا ورذائلنا لانها اوجه ضعف
البشرية التي ننتمي اليها ايضاً ، وبذلك توجد نفس العيوب والنقائص الكامنة في
داخلنا " .
اعتقد انه تدريب ذاتي ينمو مع الانسان ويكبر مع وعيه الكامن ، ان لانترك
اخطاء الآخرين تسقط ظلالها على مسار أيامنا .. ذلك سمو جميل ورؤيا اخرى للتطهير
الروحي.
المسؤوليات الكبرى التي تصنع الابداع والخلق تتحرر من سلطة الآخر وثقل
وجوده الذي يكبل مضامين انطلاق الافكار ويتبنى مسارات جديدة لصنع حياة خالية من
اوزار الريبة وظلم النفس ، قد ندخل مجبرين في حلقات متواصلة من جدل ( العقاب
والثواب ) وان من صنعوا مساوئنا لهم ما لنا من لعنات وذلك مشجب آخر نعلق عليه
عثراتنا المتتالية امام مطبات الحياة واختباراتها الصعبة .. نحن من نصنع بؤسنا ولا
سلطة للآخر سوى ما نسمح نحن به ... التنصل من المسؤولية هو دور لا واعٍ يمنح صاحبهُ سلطة الالوهية
والحكم على الآخرين .
ربما نعتز بأنانيتنا احياناً ونتكبر على السماح والغفران لكننا حتماً حتماً
سنزيح اخطاء الاخرين عن طريقنا كي نكمل ما بدأناه ونعتنق مسؤولية جديدة في صنع
حياة خالية من العبث مع الماضي.
نحنُ مرايا بعضنا ، نتلقى الالم ونسببهُ في تناغم ونسق غريب ليته يخلو من
الكراهية يوماً .
يقول نيتشه : اختر قدركْ ، ثم حبَّ قدرك ...
ليست هناك تعليقات: