![]() |
عبد العزيز الناصري
|
استفزني
حديث احدهم في حوار تلفزيوني على احدى القنوات العربية وهو يجاهر بالقول ان
الثقافة العربية هجين تشكلت من نتاج الفكر الغربي ، وان المثقف العربي مقطوع الجذر
لا يدري اين ينتمي ، والعرب طوال تاريخهم ليس لديهم فكر معين ...
هكذا سمعته
وهو متحمس لما يقول وكأن الامر متفق عليه يبدو ان الرجل لم يقرأ التاريخ جيداً
وكأنه جاهل تماماً بالارث الثقافي العربي ابان العصور الاسلامية ناهيك عن الارث
الجاهلي الذي كان له دوره في رفد العقل العربي باجمل صور البلاغة والادب الرفيع ،
كما وان شخصيات علمية وثقافية دونت التاريخ العربي بمنجزها الكبير ، ولا زال بعض
نتاجاتهم العلمية والادبية يدرس في جامعات معاصرة ، كما وانه ليس من المنطق ان امة
كالامة العربية الاسلامية وقد ختمت فيها الرسالات السماوية ونزل بلغتها القرآن
العظيم ، وكانت خير امة اخرجت للناس ، وخلال خمسة عشر قرناً ليس لها فكر مميز .
نعم ان
المثقف العربي في عصرنا هذا فقد ملامح هويته وليس الخطر الداهم الذي يهدد الوسط
الثقافي والمثقف نفسه هو الهوية ، بل ازمة الانتماء والتي اضاع من خلالها بعض
المثقفين ذاتهم تحت اقدام الاخرين ، وهم يترنمون على ابوابهم وموائدهم ..
لعل العلة
تكمن في الاختراق في شتى مفاصل المشهد الثقافي العربي من قبل اجندات غربية الى
جانب ثقافة السلطة ، فلا زالت بعض الحكومات العربية تفرض هيمنتها على الوسط
الثقافي وتفرض خياراتها ومن يخرج عليها او يتمرد على ضوابطها في حدود وعيه وفكره
.. فأنه يبقى في الظل ، ان لم يكن خلف القضبان في الاقبية المظلمة .
ليس عيباً
ان يخرج شخص ما يعبر عن ارائهِ وتبنياته الشخصية ، لكن العيب ان يكون بوقاً يردد
اصوات الاعداء ويمثل اجندات ترمي الى تمزيق اللحمة العربية بكل مفاصلها .
ان الفكر
والثقافة العربية المعاصرة من اجل تحقيق اهدافها والخروج من مأزق الارتباك الذي
تعيشه لا بد من بلورتها بشكل ادق اكثر شمولية في توحيد الخطاب الثقافي العربي ولا
يتم ذلك الا بلغة جديدة للحوار والعثور على نقاط التلاقي او التقاطع التي تشوش
الطرح العربي للثقافة المعاصرة ، واذا لم تتفاهم الثقافة العربية مع نفسها تظل غير
قادرة على استيعاب ومواجهة الاخرين لاثبات وجودها .

ليست هناك تعليقات: