* فارس محمد الرفيق
رسمت خارطة للألم ، واسست معايير له وموازين لم تعتدها البشرية من قبل ، فقد رضعت لبان الالم من ثدي امها الزهراء (ع) عجنت الصبر والشجاعة من ابيها الامام علي (ع) ومن اخويها السبطين ابصرت كل انواع الاضطهاد ورأت الخبث والكذب والاسلام المزيف رؤى العين ولكن الفاجعة الكبرى في الطف كانت درساً قاسياً لا تتحمله الجبال .
صبر الانبياء
كانت تحارب بجهات عدة :
اولها : جبهة الصبر وثانيها كونها امرأة ولكنها كانت امرأة حديدية والثالثة الاسر بيد الاعداء الشامتين ، صارعت الالم عصرها وعصرته ، لكنها تغلبت عليه وكان لها درس في درب مدرسة الصابرين المحتسبين ، وعجنت المأساة لتصنع منه خبز الكرامة ، فقد ولد الايمان من مدرسة جدها رسول الله (ص) وشمت رياحينه ودرجت على عطره ، وما بين وفاة جدها وولادة يزيد بن معاوية (لعنه الله) ولد للكفر شياطين جدد وما بين سيف ابيها ذي الفقار وسوط ابن مرجانة رسمت للدين الجديد شرائع جديدة ، فقد صلت صلاة الليل المعتادة عليها يوم العاشر من محرم وهي بين رأس اخيها الحسين (ع) ولم تقطعها ، وما بين رأس الحسين (ع) الذي سار مع الركب مرفوعاً على الرمح من كربلاء الى دمشق كانت خارطة جديدة للصبر لا تطيقها الجبال ، ولكنها حطمت الصبر وكانت اقوى منه .
صوت الحق
وكان صوتها مرفوعاً هز اركان الكون حيث قالت مخاطبة يزيد (لعنه الله) ، كد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فلن تميت وحينا ولن تمحو ذكرنا ... الخ ، فكانت اقوى من العاصفة واعلى من الجبال وامضى من السيوف وارفع من عزائم الرجال ، فثبت الدين من الانحراف وكأن جدها رسول الله (ص) حي يحيها وهو في السماء فخراً بها .
ان نهران الدم التي سالت بين يديها حفظت به بيضة الدين والرؤوس المرفوعة على رماح الكفر استحالت شموساً انارت ارجاء الكون وفضحت بني امية والسياط التي تحملتها ما بين الكوفة ودمشق كانت اسواطاً هزت ضمائر الدنيا ما بين قرنيها.
لقد عايشت الالم منذ ولادتها وحتى وفاتها وكأنه قدر مرسوم لها او كأن الله تعالى ابتلاها به ولكنها نجحت في الامتحان نجاحاً استحقت به لقب سيدة الالام وفازت في الجنة مع الصابرات المحتسبات فكانت سيدة نساء زمانها بعد امها الزهراء (ع) ، رسمت للاخوة منهاجاً جديداً عندما ذبح اخوتها امامها ورسمت للعمة ووليه الامر عندما حضنت السجاد (ع) وافتدت نفسها به دفاعاً عنه من قتل يزيد وللاطفال صورة لم تألفها البشرية عندما رعتهم ، وكانت خطيبة مفوهة قرع الحزن قلبها فافحمت اعداءها ، رحماك ربي ، فكما خلقت الملائكة خلقت الشياطين لتمتحن الصابرين ، وكانت السيدة زينب (ع) بحق ام الصابرين وسيدة الالام وكعبة المصائب والسلام .

ليست هناك تعليقات: