الحلقة الثانية
ان عاشوراء الإمام الحسين عليه السلام لم تنته عصر العاشر من محرم الحرام سنة 61 للهجرة، بل من هناك ابتدأت وانطلقت. فمبادئه (سلام الله عليه) لم تقتل لحظة استشهاده، مثلما أن أعداءه لم ينتصروا حين قطعوا رأسه الشريف، و نداؤه عليه السلام: (هل مِن ناصِرٍ يَنصُرُنا؟) ما يزال موجها لجميع أبناء الإنسانية الذين يستشعرون العزة، وهي من خصال المؤمنين:(وَلله العِزَّةُ ولِرَسولِهِ وَلِلمؤمِنين)، ويهتفون: (هَيهات مِنّا الذِّلة)، كما هتف بها الإمام الحُسين (سلام الله عليه) وطبق مصداقها. إن الشعار الثوري الهادر:(لَبَّيكَ يا حُسَين) يجد مصداقه حصرا في التمسك بثورة الإمام الحُسين (سلام الله عليه) ونهجها الإصلاحي في مقارعة الظالمين ومحاربة الفاسدين. كانت ثورة الإمام الحسين(سلام الله عليه) ثورة خاسرة من الناحية العسكريّة، ولكنها صدمت الواقع وهزّت قواعده، لكي تركِز الخط الأصيل الذي يحفظ الحياة الإسلاميّة، ويؤكد العدل في داخلها، ومن هنا، فإنَّ الحسين(سلام الله عليه) يمثّل خطا ومنهجا وتجسيدا حيّا للقيم الإسلاميّة والإنسانية في العزة والكرامة والمحافظة على استقامة المسيرة التي جعلها الله أمانة في أعناقنا.
أنتصار الثورة الحسينية
واقعة الطف المؤلمة، غيّرت مجرى تاريخ الشعوب الاِسلامية، وفتحت لها آفاقا مشرقة للتمرّد على الظلم والطغيان، وألهبت هذه الملحمة الخالدة عواطف الاَحرار، ودفعتهم إلى النضال المسلّح في سبيل تحرير المجتمع من نير العبودية والذلّ، وإنقاذه من الحكم اللاشرعي. لقد انتصرت أهداف الإمام الحسين عليه السلام في ثورته الخالدة، وانتصرت مبادئه العظيمة، وظلّ مثلا خالدا للكفاح المقدّس يطارد الظالمين والطغاة في كل عصر وزمان، ويمدّ الثوار بروح التضحية والفداء.
فسلام عليك ياعبير البطولة.. والسلام علی التراب الذي رفع المبدأ لواء تمر الانسانية به فستجد لبريقه وروعته اجلالا واکبارا. والسلام علی تلك البقاع وعلی شواطئ نهر شهدت شفاه عطشی وقلوب حری ولكنها شبعت من رحمة الله وارتوت من عطاء الله.. ثم السلام علی تراب شهدت دمعة للنساء ولكنها لم تكن بدمع بل نار احرقت الظالمين .. والسلام علی رمال شهدت صرخة لامرأة عزلاء ولکنها کانت ولاتزال سيفا بتارا علی الطغاة بجانب سيف اخيها الحسين.

ليست هناك تعليقات: