"/> ملف خاص ... شاعر الشعب عريان السيد خلف يقدم نذره الأخير | صباح الديوانية

صباح الديوانية العدد 739



ظاهرة (عريان السيد خلف)

مسار رياض

ربما هي المرة الاولى التي تحصل في العراق و ينال شاعر من شعرائها هذا القدر من الاحتفاء حيا و ميتا.
تحول الشاعر الكبير عريان السيد خلف من صفة الشاعر الى صفة الرمز لم تحدث في يوم و ليلة , و من رأى حزن الناس لوفاته إنما رأى حصيلة طبيعية و منطقية لعشرات من السنوات و دواوين من القصائد سطرها شاعر طالما كان ملتصقا بالناس و مندكا بهمومها, افراحها و أحزانها.
لقد كان عريان المترجم الفذ و المخلص بشعريته العالية لمعنى أن تكون إنساناً عراقياً فتحول في وعي و ذاكرة الشارع العراقي من قائل للشعر الى قاموس لفصول حياة كل نابض بالوجع على وجه هذا التراب.
عقود من السنوات و هو يخط بحبر روحه كل الحكايا التي لا تُقال كما يجب إلا بنكهة حسجته الجنوبية الغائرة بالحزن و كأن الجمهور و هو يعبر عن حزنه عبر عشرات مجالس العزاء يكتب قصيدة العرفان و الجميل لشخص أوقف كل حياته للشعر الذي هو منهم و اليهم فتحول من جمهور متلقي الى جمهور شاعر.
عريان دليل قاطع على أن الشعر يكون حياً حين يتماهى مع الانسان و حياته و يصبح قائله مركز تأثير حقيقي لا مجرد اسم في لائحة تعداد الشعراء.
نم قرير العين أيها الكبير فقد حصدت محبة لم يكن غيرك ليفكر بها و لا بالحلم.

سطر من سيرته

عريان السيد خلف (عقد 1940-5 ديسمبر 2018) شاعر شعبي عراقي ولد في محافظة ذي قار في قلعة سكر على ضفاف نهر الغراف، بدأ نشر قصائده مطلع الستينيات من القرن العشرين.
عمل في الصحافة العراقية وفي التلفزيون وفي الإذاعة وحصل على جوائز وشهادات منها، حصل على وسام اليرموك من جامعة اليرموك من الأردن، حصل على شهادة دبلوم صحافة، وهو عضو نقابة الصحفيين العراقيين واتحاد الصحفيين العرب ومنظمة الصحافة العالمية ،عضو في الحزب الشيوعي العراقي، كما أنه عضو في جمعية الشعراء الشعبيين العراقيين.
استطاع ان يتواصل مع حركة الأدب الشعبي عن طريق طبع الدواوين أو إعادة نسخ ما طبع ، نشر عدة قصائد ذات مغزى سياسي رافض منها قصيدة القيامة التي وصف فيها مدينة كربلاء إبان أحداث الانتفاضة الشعبانية عام 1991 في وسط وجنوب العراق وقصيدة شريف الدم التي أهداها للإمام الحسين، كما ونشر قصائد سياسية في السبعينيات كشفت عن هويته الفكرية مثل قصيدة نذر وقصيدة الشاهد كتب للعديد من الفنانين العراقيين ومنهم فؤاد سالم وقحطان العطار وسعدون جابر ورياض أحمد وأمل خضير وعبد فلك، شكّل ظاهرة شعرية مع الشاعر كاظم إسماعيل الكاطع من خلال بعض السجالات بينهما كان آخرها قصيدة ما ترتاح التي يشير البعض أنّها جاءت ردًّا على قصيدة الأخير المعنونة "ما مرتاح"، غير أن عريان السيد خلف نفى هذا، قائلا أن لا رابط بين القصيدتين.
عريان السيد خلف يعد اليوم من الرموز الثقافية الوطنية التي يعتبرها الكثير من العراقيين رمزاً للوطنية والمبدئية العالية وهو اليوم يمثل أحد اقطاب الشعر الشعبي في العراق بالإضافة إلى مظفر النواب وكاظم إسماعيل الكاطع وعطا خميس السعيدي.
         


 

سابع بيت

لميت المحابس .. ولضمها ابخيط عمري
وردت تدري .. وحيف ما حسيت
جمعت السوالف .. ولو خد او عين
چوتني وحشتي .. وعالوهم ناديت :
ولك كلبي توازه ..
وها كثر حبيت
نزع جفه .. اعله جفي
وعافني اويه الناس
مطفي من الحزن .. حد زحمة الوهواس
ردت احجي ..
انجفه ابطارف شفافي الصوت
كتلك : هاك كلبي .. الكيت ظلك ناس
يا كلبي الجدب ..
فاركك طيب الطيب
وتعده العمر .. وانكطع نفس الياس
اوحدك ذبل ليلك بالثلج والكاس
وحدك تنطفي ..
ويصعد عذابك زيت
وتخضر عتابه .. من الجدم للراس



  

اعاتب

من يمر بيه حنين الصوت ..
اعاتب
ولو يمرني الطيف
يلكاني هله ويلكاني غايب
مانه من كد لهفتي لشوفك
شمع بسكوت ذايب
دك عليه الباب
كلبي ..
كبل ما جاوب يجاوب
وابتسم لي الدنيه تحله
واحس كل الناس يحبيب حبايب
وتدري
من تكبر على اشفافك بسمتك
يكبر ابكلبي الهوى
ومجبور اعاتب




خاف تموت


على طولك اشعلني ..
وصيح بيه الصوت
انه ابطرك النفس ..
بين الحياه والموت
وسري ابنبض دمي ..
لشهكة الزردوم
حب تالي العمر ..
علته من البسكوت
يا شايل حلاوة خوف الحديثات
ومحمل سحر ..
ضحكة بنات بيوت
يا مايع ترافه ..
اتهيب من احويك ..
خاف اصعب عليك ..
وخاف بيدي تموت !
هلكد ما تلح ..
راج الثمر بالعود
وحمر على اشفافك ..
كبل وكته التوت
يمعود .. دخيلك ..
والكلب شيصير !
من تكطع بتوته ..
امنين اجيب ابتوت ! ؟





الصمت يتحرر


عبد الرحمن طهمازي

تتمتع قصائد (عريان السيد خلف) بامتيازات شعر العامية العربية لجنوب العراق ، وهي امتيازات اصيلة ، يمثلها اكثر من اي عنصر آخر .. المواد غير المحدودة للوقائع والتطلعات المشتركة التي تتقطع احياناً كالفلكلور اللغوي (للاغنية) وتتماسك مرات كثيرة كقصيدة حديثة لها موضوع وجداني مستقل لا يلبث ان يكون مناسبة خاصة لانفعال الشاعر بما هو مشترك .
ان شيئاً من الوقائع قد تتبدد شيئاً آخر تتطاير من حوله الهمهمات وتطلعات نفسها التي كانت تختار ان تعلو وتتسع ، تتوعك الان بين الاحراج والغصة ، متروكة مثل امل طفيف يتوعد ! تلك هي جراح الشاعر التي لا تمتلئ بالدم لتلتئم .
ما ان تبرك في جوف الشاعر الغياهب حتى نراه يلبط في النور ، سيقول كل ذلك في قصة مهما تكن موجزة الا ان في حوزتنا ما ينسج معها المطولات ، اليس هذا ما عشناه سوية ، ووضعه الشاعر بين السنتنا ؟ .
توجد في قصائد "عريان" كمية غير قليلة من عادات اللسان العامي لجنوب العراق المتاخم للبادية ، من مفردات الى تراكيب الى تصرفات صوتية مع تمثيل للايقاعات على نحو خاطف ، كما ان في القصائد كمية غير قليلة ايضاً من ثقافة اللسان العامي ذات الصلة بالمعنى ، حيث الكناية والتلميح والاوجه المحتملة والنوادر المتعلقة بخيال صحي لا ترتطم به الاوهام وانواع من خطاب الحس السليم وتعليقاته التي تتبقى عادة بعد تجربة غير مرضي عنها وتوقاً الى فرصة اكثر حظاً ، سواء في الحب او الصداقة او الحنين الى ذكرى تكاد تنطفئ او الى تلك الشخصيات الشعرية الحية التي كثيراً ما نصادف كرمها العفوي متموجاً بين الطوارئ : القطيعة او المصالحة ثم توالي الانفاس التي تخفق بالوعود .


About Unknown

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم

ليست هناك تعليقات:

Post a Comment


Top